مراحل درب ملء الحياة
“جئت لتكون لهم الحياة بل ملء الحياة ” ( يوحنا 10: 10 )
المرحلة الأولى: الآباء ( تكوين 17: 1-8) خلقك
تراءى الربّ للآباء وكلمّهم وطلب منهم أن يسيروا أمامه وأن يكونوا كاملين.
وخاطب الله ابراهيم قائلا: “ها أنا أجعل عهدي معك، فتصير ابا عدد كبير من الأمم. وسأنميك جدا جدا وأجعلك أمما وملوكٌ منك يخرجون. وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم، عهدا أبدياً، لأكون لك إلها ولنسلك من بعدك. وأعطيك الأرض التي أنت نازل فيها، لك ولنسلك من بعدك، وأكون لهم إلهاً.”
لنتأمّل حين كنا أطفالاً كيف اختبرنا حضور الله في حياتنا وكيف كان الرب يخاطب أجدادنا و آبائنا و أمهاتنا من خلال ظروف الحياة وأحداثها. ولنتأمل ما سمعناه عن الرب وعجائبه من أفواه الكبار ومثالهم.
لنصلّي من أجل جميع الأطفال الذين يعيشون وسط الحروب والصراعات والتعديات والعوز والمرض والظلم. احفظهم يا رب بنعمتك وأرشدهم الى خلاصك. إنه الرب خلقك.
المرحلة الثانية: العبودية ( خروج 2: 23) سمع صراخك
كان شعب الله يتنهّد من عبوديته في مصر. فصرخ وصعد صراخه الى الله من العبودية. فسمع الله أنينه وذكر عهده مع الآباء.
لنتأمل حين لم يكن الله أولوية في حياتنا كيف كنا نعيش في العبودية:
العبودية لشهواتنا وأنانيتنا، لعاداتنا السيئة وإدماننا، لوحدتنا ويأسنا، لكآبتنا وضيقنا، لمخاوفنا وحاجاتنا.
وفي النهاية تنهّدنا من عبوديتنا وصرخنا الى الله والله سمع صوت صراخنا.
لنصلّي من أجل جميع الذين يعانون في العبودية والمكبلين في الضيقات والخطايا لكي يعودوا ويلتجأوا الى لله ويصرخوا له من كل قلوبهم فهو الوحيد الذي يستطيع إخراجهم. إنّه الرب يسمع صراخك.
المرحلة الثالثة: العليقة ( خروج 3: 1-12) دعاك
تراءى ملاك الرب لموسى في لهيب نار من وسط عليقة. فنظر فإذا العليقة تشتعل بالنار وهي لا تحترق. فقال موسى في نفسه: “أدور وأنظر هذا المنظر العظيم ولماذا لا تحترق العليقة”. ورأى الرب أنه قد دار ليرى. فناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى موسى”. قال: هاءنذا. قال: لا تدن إلى ههنا. اخلع نعليك من رجليك، فإن المكان الذي أنت قائم فيه أرض مقدسة. وقال” أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب”. فستر موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله. فقال الرب: “إني قد رأيت مذلة شعبي الذي بمصر، وسمعت صراخه بسبب مسخريه، وعلمت بآلامه، فنزلت لأنقذه من أيدي المصريين وأصعده من هذه الأرض إلى أرض طيبة واسعة، إلى أرض تدر لبنا حليبا وعسلا. والآن هوذا صراخ بني إسرائيل قد بلغ إليّ، وقد رأيت الظلم الذي ظلمهم به المصريون. فالآن، اذهب! أرسلك إلى فرعون. أخرج شعبي بني إسرائيل من مصر.”
لنتأمل حين صرخنا الى الله في ضيقنا كيف نظر إلينا وأحبنا ودعانا لنخرج من الماضي نحو المستقبل، من الظلمة الى النور، من الموت الى الحياة، من العبودية الى الحرية. فاشتعل قلبنا بحبه ورغبتنا في اتباعه. ورأينا وعاينّا علامات حضوره القوية في حياتنا.
لنصلّي من أجل جميع الدعوات للحياة المكرسة أو الحياة الزوجية. من أجل جميع الأشخاص الذين اشتعلت قلوبهم بحبّ الله، لكي يجدوا المكان المناسب لتقديس حياتهم. إنّه الربّ يدعوك.
المرحلة الرابعة: بحر القصب ( خروج 14) أخرجك
وقسّى الرب قلب فرعون ملك مصر فجدّ المصريون في إثر شعب الله فأدركهم خيل فرعون كله ومراكبه وفرسانه وجيشه وهم مخيّمون على البحر. فخاف الشعب وصرخ الى الرب: “ماذا صنعت بنا فأخرجتنا من العبودية؟ فإنه خيرٌ لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية.” فقال موسى للشعب: “لا تخافوا، اصمدوا تعاينوا الخلاص الذي يجريه الرب اليوم لكم، فإنكم كما ترون المصريين اليوم، لن تعودوا ترونهم للأبد. الربّ يحارب عنكم وأنتم هادئون.” فمدّ موسى يده على البحر وانشقّت المياه ودخل الشعب في وسط البحر ودخل وراءهم جميع خيل فرعون فارتدّت المياه على مراكب فرعون وفرسانه ولم يبقَ منهم أحد.
لنتأمل حين خرجنا من حالتنا القديمة كيف لاحقتنا خيالات الماضي وحاولت إعادتنا الى العبودية. ولكن بثقتنا بالله استطعنا اجتياز تجارب الجسد والشيطان والعالم لأن من يضع يده على المحراث لا يلتفت الى الوراء.
لنصلي من أجل جميع المبتدئين في حياتهم الروحية حتى لا ييأسوا فيتراجعوا عن خيار القداسة عند هبوب عواصف التجارب. إنّه الرب يُخرجك.
المرحلة الخامسة: صحراء شور ( خروج 15: 22-27 ) طهّرك
فساروا ثلاثة أيام في البرية ولم يجدوا ماءً. فوصلوا الى مارة فلم يطيقوا أن يشربوا من مياهها لأنها مرّة. فتذمّر الشعب على موسى وقال: “ماذا نشرب؟” فصرخ موسى الى الربّ، فأراه الرب خشبةً فألقاها في الماء فصار عذباً. وفي هذه الصحراء أعطاهم الرب خبزاً من السماء ليأكلوا.
لنتأمل حين اختبرنا اليبوسة الروحية وقساوتها وكيف لم نعد نستطيع تصوّر الله في عقلنا ولا تحسس حضوره في حياتنا. كانت صحراء خالية من كل وجود بشري أو إلهي.
لنصلي من أجل الذين يعيشون في فتور روحي أو يبوسة روحية لكي لا يخافوا فيتراجعوا بل ليكملوا الطريق، فبقدر اشتداد اليبوسة في هذه المرحلة تكثر الثمار في المراحل الأخرى. إنه الرب يطهّرك.
المرحلة السادسة: جبل سينا ( خروج 19: 20-32) أعطاك وصاياه
وصلوا الى برية سيناء فخيّموا تجاه الجبل. وتكلّم الله وأعطاهم الوصايا العشر. وكان الشعب كلّه يرى الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخّن، فارتاع. ورأى الشعب أن موسى قد تأخر في النزول من الجبل فقالوا لهارون: “قم فاصنع لنا آلهة تسير أمامنا.” فنزع الشعب حلقات الذهب من آذانهم وصنعوا عجلاً مسبوكاً وقالوا: “هذه آلهتنا التي أصعدتنا من أرض العبودية.” ولما اقترب موسى من المخيم رأى العجل والرقص فاضطرم غضبه واحرق العجل بالنار وسحقه حتى صار كالغبار وذراه على وجه الماء وأسقى الشعب. وقال لهم: “قد خطئتم خطيئة عظيمة.”
وقال موسى للرب: “لا أطيق أن أحمل هذا الشعب كله وحدي لأنه ثقيل عليّ.”
فقال الرب: “اجمع لي سبعين رجلاً من شيوخ الشعب فيحملون معك عبء الشعب ولا تحمله أنت وحدك.”
لنتأمل حين اختبرنا خيانتنا تجاه الرب الذي أخرجنا كيف لم نعد نستطيع المحاربة لوحدنا وكيف ثَقُلَت نفسنا علينا فبتنا نحتاج الى المخلّص.
لنصلي من أجل جميع المجرّبين في التجارب لكي نرحمهم ونحنو عليهم ونعزيهم.
إنه الرب يعطيك وصاياه.
المرحلة السابعة: الإرتداد ( متى 3 ) غفر لك
توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.
وإذا بامرأة خاطئة جاءت ووقفت من خلف عند رجلي يسوع وهي تبكي، وجعلت تبلّ قدميه بالدموع، وتمسحهما بشعر رأسها، وتقبّل قدميه وتدهنهما بالطيب. فقال لها الرب يسوع: “غفرت لكِ خطاياك. إيمانك خلّصك فاذهبي بسلام.”
لنتأمل حين استسلمنا للرب يسوع المسيح بكليتنا من خلال إعتراف شامل أو فعل تسليم صادق كيف أمكننا الخروج من عهدنا القديم عهد الشرائع والدخول في العهد الجديد عهد المحبة وكيف اكتشفنا هويتنا الحقيقية أننا خاطئون ولكن محبوبون من الربّ.
لنصلي من أجل المتعبين والمثقلين بالأحمال لكي يقتربوا من يسوع ويستسلموا له بكليتهم. إنه الرب يغفر لك.
المرحلة الثامنة: أكفر بنفسك ( لوقا 9: 57-62) علمك الكفر بالذات
قال الرب يسوع: “إنّ للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكاراً، واما ابن الإنسان فليس له ما يضع عليه رأسه.”
لنتأمل حين علّمنا الربّ أنّ الكفر بالذات ليس أن نكره أنفسنا أو نحتقر حياتنا بل هو أن نبتعد عن كل ما يؤذي هذه النفس ويدمّر هذه الحياة من إدمان وخطايا وعلاقات غير صحية تعوق قداستنا.
لنصلي من أجل جميع الذين يسلكون درب الرب لكي يميزوا بين ما يؤذي نفوسهم وبين ما يساعدها لبلوغ الكمال.
المرحلة التاسعة: احمل صليبك ( متى 10: 37-39) علمك حمل الصليب
قال الرب يسوع: “من أحب أباه وأمه أكثر مما يحبني، فليس أهلاً لي. ومن أحب ابنه أو ابنته أكثر مما يحبني، فليس أهلاً لي. ومن لا يحمل صليبه ويتبعني، فليس أهلاً لي.”
لنتأمل حين علّمنا الربّ أنّ حمل الصليب ليس السعي وراء الألم وتعذيب الجسد والعيش في الحزن والكآبة بل هو مقاومة التجارب وعدم العودة الى الخطيئة وقبول الآلام الناتجة من خطيئة أجدادنا الأصلية وخطيئتنا الشخصية وخطيئة المجتمع. أن هذه الآلام لا توازي المجد المزمع أن يتجلى فينا.
لنصلي من أجل جميع المتألمين لكي يبلسم الرب جراحهم ويضمد نفوسهم.
المرحلة العاشرة: اتبعني ( مرقس 8: 31-38) علمك اتباعه
وبدأ الرب يعلم التلاميذ ان ابن الإنسان يجب عليه أن يعاني آلاماً شديدة، وأن يرذله الشيوخ وعظماء الكهنة والكتبة، وأن يُقتل، وأن يقوم بعد ثلاثة أيام. فانفرد به بطرس وجعل يعاتبه. فالتفت فرأى تلاميذه وزجر بطرس قال: “انسحب! ورائي!، يا شيطان، لأن أفكارك ليست أفكار الله، بل أفكار البشر.”
لنتأمل حين علّمنا الربّ أن إتباعه لا يكون في الأفكار أو الشكليات بل في عيش الإنجيل وتجسيده في حياتنا حتى ولو مررنا في طريق الصليب المقدس المؤلم. كل ذلك يستحيل من دون الإيمان أن الرب حاضر دوماً معنا.
لنصلي من أجل المثقلين بصلبانهم لكي ينظروا الى المسيح الحي حتى يستطيعوا السيرقدماً.
المرحلة الحادية عشرة: القيامة ( يوحنا 21: 15-19) مسحك
بعد القيامة قال الرب يسوع لسمعان بطرس: “يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر مما يحبني هؤلاء؟”
قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك حباً شديداً.” قال له: “ارعَ حملاني.”
قال له مرة ثانية: “يا سمعان بن يونا، أتحبني؟” قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك حباً شديداً.”
قال له: “اسهر على خرافي.” قال له ثالثة: “يا سمعان بن يونا، أتحبني حباً شديداً؟ فحزن بطرس لأنه قال له في المرة الثالثة: أتحبني حباً شديداً؟ فقال: “يا رب، أنت تعلم كل شيء، أنت تعلم أني أحبك حباً شديداً. قال له: “ارعَ خرافي.”
لنتأمل بعد مسيرة طويلة مع الرب الذي دعانا وأخرجنا وطهّرنا ورافقنا وغفر لنا وعلّمنا،
بعد مسيرة من العبودية الى الحرية، مروراً في الصحراء والصليب، تشرق القيامة في حياتنا. والرب يدعونا لنسهر على حملانه ونساعد الآخرين ليخرجوا هم أيضاً من الموت الى الحياة.
لنصلي من أجل الكهنة والآباء والأمهات وكل شخص مسؤول كيما الرب يباركهم ليقوموا بمهمتهم بأحسن وجه.
إن الرب يمسحك.
المرحلة الثانية عشرة: الرسالة ( رسل 2 ) أرسلك
ولما أتى اليوم الخمسون، كان تلاميذ الرب يسوع مجتمعين كلهم في مكان واحد، فانطلق من السماء بغتةً دويّ كريحٍ عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة كأنها من نارٍ قد انقسمت فوقف على كلٍّ منهم لسان، فامتلأوا جميعاً من الروح القدس. فوقف بطرس مع الأحد عشر، فرفع صوته وكلّم الناس قال: “فليعلم يقيناً العالم أجمع أنّ يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم قد جعله الله رباً ومسيحاً.” فلما سمعوا ذلك الكلام، تفطّرت قلوبهم، فقالوا لبطرس ولسائر الرسل: “ماذا نعمل، أيها الأخوة؟” فقال لهم بطرس: “توبوا، وليعتمد كلٌّ منكم باسم يسوع المسيح، لغفران خطاياكم، فتنالوا عطية الروح القدس. فإنّ الوعد لكم أنتم ولأولادكم وجميع الأباعد، على قدر ما يدعو منهم الربّ إلهنا.”
لنتأمل كيف أرسلنا الربّ لنعلن البشرى السارة للشعوب كافة ولنشهد لعمل الله الحي في حياتنا من خلال الكلمة والمثل والشهادة الصادقة.
لنصلي من أجل المبشرين في أربعة أقطار الأرض لكي يعزيهم الروح القدس وسط الإضطهادات والمعاكسات والآلام التي يواجهونها في سبيل البشارة. إن الرب يرسلك.
المرحلة الثالثة عشرة: الأبوّة ( 1 كور 4: 15-16 ) جعلك أبا لكثيرين
قال بولس الرسول: “لا أريد فيما أكتبه أن أخجلكم، بل أريد أن أنصحكم نصيحتي لأبنائي الأحباء. فقد يكون لكم ألوف الحراس في المسيح، ولكن ليس لكم عدّة آباء، لأني أنا الذي ولدكم بالبشارة، في المسيح يسوع، فأحثكم إذاً أن تقتدوا بي.”
لنتأمل كيف بعد أن قمنا برسالتنا على الأرض أصبحنا آباء نلد الناس للحياة الأبدية.
هذه هي ملء الحياة، أن نصبح آباء نلد الناس للملكوت.
لنصلي من أجل كل كائن بشري حتى يسلك هذه الدرب ليصل الى ملء الحياة. ولتكتمل مشيئة الرب فينا جميعاً. آمين.