ما هي الصّلاة؟
الصّلاة هي ارتفاع النّفس إلى الله أو التماس الخيور المُوافقة لإرادته تعالى. إنّها دومًا عطيّة من الله الّذي يأتي لِمُلاقاة الإنسان. والصّلاة المسيحيّة هي علاقة شخصيّة وحيّة بين أبناء الله وأبيهم الكلّيّ الصّلاح، وابنه يسوع المسيح، والرّوح القدس السّاكن في قلبهم.
لماذا هناك دعوة شاملة إلى الصّلاة؟
لأنّ الله، أوّلًا بالخلق، يدعو كلّ كائن من العدم إلى الوجود. حتّى بعد أن سقط الإنسان فهو لا يزال قادرًا على معرفة خالقه، حافظًا التّوق إلى الّذي دعاه إلى الوجود. تشهد جميع الدّيانات، وخصوصًا تاريخ الخلاص كلّه، بوجود هذا التّوق إلى الله عند الإنسان. ولكنّ الله هو الأوّل الّذي لا يني يجتذب كلّ إنسان إلى لقاء الصّلاة السرّيّ.
بمَ كان إبراهيم مثال صلاة؟
إبراهيم هو مثال صلاة لأنّه يسير أمام الله، ويُصغي إليه ويُطيعه. وصلاته معركة إيمان لأنّه، حتّى في أوقات الامتحان، لا ينقطع عن الإيمان بأمانة الله. وعلاوة على ذلك فهو، بعد أن تقبّل تحت خبائه زيارة الرّبّ الّذي استودعه مقاصده، يتجاسر على الشّفاعة في الخطأة بثقة جريئة.
كيف كان موسى يُصلّي؟
صلاة موسى رمز الصّلاة التّأمّليّة. فالله الّذي نادى موسى من وسط العلّيقة المتوقّدة تكلّم معه مرارًا ومدّة طويلة “وجهًا إلى وجه، كما يُكلّم المرء صاحبه” (خروج 11:33). من هذه العلاقة الحميمة مع الله يستمدّ موسى القوّة للشّفاعة بإصرار في شعبه: وصلاته كانت هكذا صورة سابقة لشفاعة الوسيط الوحيد، يسوع المسيح.
ماذا كانت، في العهد القديم، العلائق بين الهيكل والملِك مع الصّلاة؟
إزدهرت صلاة شعب الله، في ظلّ مسكن الله – تابوت العهد ثمّ الهيكل – بقيادة رعاته. وبينهم داود، الملك “بحسب قلب الله”، الرّاعي الّذي يصلّي لأجل شعبه. وصلاته مثال لصلاة الشّعب، لأنّها تطابُقٌ والوعدَ الإلهيّ، وثقة ملؤها المحبّة بالّذي هو وحده الملك والرّبّ.
ما هو دور الصّلاة في رسالة الأنبياء؟
يستمدّ الأنبياء من الصّلاة النّور والقوّة لتحريض الشّعب على الإيمان وعلى توبة القلب. ويدخلون في حياة حميمة جدًّا مع الله، ويشفعون في إخوتهم، مُبلّغين هؤلاء ما رأوه وسمعوه من قِبَل الرّبّ. إيليّا هو أبو الأنبياء، أي أبو الّذين يلتمسون وجه الله. وقد نال، على جبل الكرمل، رجوع الشّعب إلى الإيمان بتدخّل الله الّذي يتوسّل إليه قائلًا: “استجبني، يا ربّ، استجبني” (الملوك الأوّل 37:18).
ما هي أهمّيّة المزامير في الصّلاة؟
المزامير هي قمّة الصّلاة في العهد القديم. كلام الله فيها يصير صلاة الإنسان. وهذه الصّلاة، الشّخصيّة والجماعيّة، الّتي يوحي بها الرّوح القدس، تتغنّى بعجائب الله في الخلق وفي تاريخ الخلاص. والمسيح صلّى المزامير وأوصلها إلى اكتمالها. فلذلك هي تبقى عنصرًا أساسيًّا ودائمًا في صلاة الكنيسة، يتلاءم مع النّاس من كلّ طبقة وكلّ زمان.
ممّن تعلّم يسوع أن يصلّي؟
لقد تعلّم يسوع، بحسب قلبه البشريّ، الصّلاة من أمّه، ومن التّقليد اليهوديّ. لكنّ صلاته كانت تنبع من مَعينٍ سرّيِّ آخر، لأنّه ابن الله الأبديّ الّذي يوجّه، في بشريّته المقدّسة، إلى أبيه، الصّلاة البنويّة الكاملة.
متى كان يسوع يصلّي؟
يُظهر الإنجيلُ يسوعَ في الصّلاة مرارًا. نراه يعتزل في الخلوة، حتّى في الّليل. وهو يصلّي قبل الأوقات الحاسمة من رسالته أو رسالة رسله. لقد كانت حياته كلّها، في الواقع، صلاة، لأنّه كان على تواصل محبّة دائم مع أبيه.
كيف صلّى يسوع إبّان آلآمه؟
صلاة يسوع، في غضون نزاعه في بستان الجسمانيّة، وكذلك بكلماته الأخيرة على الصّليب، تكشف عمق صلاته البنويّة. ويسوع يوصل قصد محبّة الآب إلى اكتماله، ويأخذ على عاتقه جميع مضايق البشريّة، وجميع الطّلبات والابتهالات في تاريخ الخلاص، فيقدّمها إلى الآب الّذي يتقبّلها ويستجيب لها متجاوزًا كلّ رجاء، بإقامته من بين الأموات.
كيف يعلّمنا يسوع أن نصلّي؟
يعلّمنا يسوع أن نصلّي ليس فقط بصلاة “الأبانا“، بل أيضًا عندما هو يصلّي. وبهذه الطّريقة يعلّمنا علاوة على مضمون الصّلاة، الاستعدادات المطلوبة لصلاة حقيقيّة: نقاوة القلب الّذي يطلب الملكوت، والّذي يغفر للأعداء، والثّقة البنويّة الجريئة إلى أبعد ما نُحسّ وندرك، والسّهر الّذي يحمي التّلميذ من التّجربة. إنّها الصّلاة باسم يسوع وسيطنا لدى الله.
لماذا صلاتنا ذات فاعليّة؟
صلاتنا لها فاعليّة لأنّها مُتّحدة بالإيمان مع صلاة يسوع. فيه تصير الصّلاة المسيحيّة شركة محبّة مع الآب. فنستطيع عندئذٍ أن نقدّم طلباتنا لله، وأن تُستجاب: “اطلبوا فتجدوا، ليكون فرحكم كاملًا” (يوحنّا 24:16).
كيف كانت مريم العذراء تُصلّي؟
تتميّز صلا مريم بإيمانها وبتقدمة كيانها كلّه لله بسخاء. أمّ يسوع هي أيضًا حوّاء الجديدة “أمّ الأحياء”. إنّها تُصلّي ليسوع ابنها لأجل احتياجات البشر.
هل توجد في الإنجيل صلاة لمريم؟
يذكر الإنجيل، ما عدا صلاة مريم الشّافعة في قانا الجليل، نشيد “تُعظّم نفسي الرّبّ” (لوقا 46:1-55) الّذي يُدعى بالّلاتينيّة “مانييفيكات” (Magnificat)وباليونانيّة (Mégalinarion)، وهو نشيد والدة الإله والكنيسة. إنّها الشّكر الفَرِح النابع من قلب المساكين لأنّ رجاءَهم قد تحقّق بإنجاز المواعيد الإلهيّة.
كيف كانت جماعة أورشليم المسيحيّة الأولى تُصلّي؟
في بداية أعمال الرّسل، كُتب أنّ المؤمنين في جماعة أورشليم الأولى، الّتي نشّأها الرّوح القدس على الصّلاة، كانوا “مواظبين على تعاليم الرّسل، والشّركة الأخويّة، وكسر الخبز والصّلوات” (أعمال الرّسل 42:2).
كيف يتدخّل الرّوح القدس في صلاة الكنيسة؟
إنّ الرّوح القدس الّذي هو المعلّم الداخليّ للصّلاة المسيحيّة، يُنشّئ الكنيسة على حياة الصّلاة، ويُدخلها دائمًا بمزيد من العمق في تأمّل سرّ المسيح الّذي لا يُسبَر، وفي الاتّحاد به. وأنماط الصّلاة، كما تكشف عنها الكتب الرّسوليّة والقانونيّة، ستبقى معيارًا للصّلاة المسيحيّة.
ما هي الأنماط الأساسيّة للصّلاة المسيحيّة؟
إنّها المُباركة والعبادة وصلاة الطّلب والشّفاعة، والشّكر، والتّسبيح. والإفخارستيّا تحوي جميع صيغ الصّلاة وتعبّر عنها.
ما هي المباركة؟
المباركة هي جواب الإنسان عن عطايا الله. نُبارك الكلّيّ القدرة الّذي باركنا هو أوّلًا والّذي يغمرنا بنعمه.
كيف نُحدّد العبادة؟
العبادة هي سجود الإنسان المعترف بأنّه خليقة أمام خالقه المثلّث التّقديس.
ما هي الأنماط المُختلفة لصلاة الطّلب؟
يُمكن أن تكون الصّلاة طلبًا للمغفرة، أو طلبًا متواضعًا وواثقًا لأجل جميع احتياجاتنا الرّوحيّة والماديّّة. إلّا أنّ الأمر الّذي يجب أن يُطلب أوّلًا هو مجيء ملكوت الله.
ما هي الشّفاعة؟
صلاة الشّفاعة هي طلب لأجل آخر. وهي تجعلنا مُتطابقين مع صلاة يسوع ومُتّحدين بها. فهو يشفع عند الآب في جميع البشر، وخصوصًا الخطأة. ويجب أن تمتدّ الشّفاعة حتّى إلى أعدائنا.
متى نقدّم الشّكر لله؟
تقدّم الكنيسة الشّكر لله بلا انقطاع، خصوصًا عندما تحتفل بالإفخارستيّا الّتي فيها يجعل المسيحُ الكنيسةَ شريكةً في شكره لأبيه. للمسيحيّ، كلُّ حدثٍ يُصبح مادّة للشّكر.
ما هي صلاة التّسبيح؟
صلاة التّسبيح هي نمط الصّلاة الّذي يُعبِّر بالطّريقة الأكثر مباشرة أنّ الله هو الله. إنّها مُنزّهة تمامًا عن المصلحة: تتغنّى بالله لأجل ذاته، وتُمجّده لأنّه موجود.