كان جيفري، 36 سنة، معمدانياً. دخل الجندية عندما كان عمره 20 سنة. أرسلته حكومته الى الكويت حيث شارك في حرب الخليج الأولى. بقي هناك 18 شهراً شهد خلالها مآسي الحرب وهول الموت.
عاد جيفري الى وطنه حاملاً في طيات نفسه جراحاً وذكريات أليمة. ومنذ ذلك الوقت بدأ يعاني الكوابيس. ذهب عند الأطباء النفسيين ولكن دون جدوى. فبدأ تعاطي المخدرات في السرّ وأصبح رجلاً عنيفاً الى أن دخل السجن.
التقيت جيفري سنة 2002 فسألني: “ما زلت أحمل أثقالاً كبيرة من الماضي. كل مرة أشعر بالقلق والخوف، أدخل غرفتي، أسجد وأعترف بخطاياي للرب وأقرأ في الكتاب المقدّس. أشعر أنّ أثقالي اختفت وأختبر سلاماً. ولكن في اليوم التالي تعود الأثقال وأقلق وأخاف. ماذا أستطيع أن أفعل؟”
فأجبته: “قال الرب يسوع: تعالوا الي أيها المتعبون والمثقلون بالأحمال وأنا أريحكم. كيف تأتي الى الرب؟ أين؟”
قال: “من خلال صلاتي وقراءتي الكتاب المقدّس”.
قلت: “ولكنك ما زلت تتألم من الكوابيس”.
قال: “ماذا أفعل؟ رأيت العديد من الأطباء”.
قلت: “قبل أن يصعد الرب يسوع الى السماء، قال لتلاميذه: خذوا الروح القدس. من غفرتم لهم خطاياهم تغفر لهم، ومن أمسكتم عليهم الغفران يمسك عليهم (يوحنا 20 : 22-23). واليوم ما زال يسوع يرسل الكهنة ليغفر للناس زلاتهم من خلال سرّ الإعتراف”.
قال: “كيف يكون ذلك؟”
قلت: “إذهب الى كاهن ترتاح اليه وأجلب حياتك للمسيح وسيعطيك يسوع راحة كما وعد”.
قال: “سأستعدّ لذلك”.
وبعد أسبوعين، إعترف جيفري بجميع خطاياه وأخذ الحلة.
مرّت سنتان وجاء جيفري ليقول لي: “أبونا، منذ أن إعترفت بخطاياي عندك، لم أعد أعاني الكوابيس. لقد أعطاني الرب الراحة التي وعد بها”.
ثمّ أضاف: “أبونا، أريد أن أصبح كاثوليكيّاً”.
قلت: “هل يحاول أحد الضغط عليك؟”
قال: “لا، إنه قرار حرّ”.
قلت: “ما الذي جعلك تقرّر ذلك؟”
قال: “لم أختبر قط في الجماعات المسيحية الأخرى ما اختبرته في الكنيسة الكاثوليكية: سرّ الإعتراف وسرّ القربان”.
وبعد أن أعطيته التعليم المسيحي، أصبح جيفري كاثوليكيّاً.