في يونيو 1996، في فترة العشاء، إذ اجتمع بعض اللاهوتيين من كنائس الشرق الأوسط قال أسقف ليماسول بقبرص في شيء من الفكاهة: “أشعر بالضياع”. سأله أحدنا: “لماذا تقول هذا؟” أجاب إنّي أتكلّم اليونانية وأجيد الإنجليزية والألمانية، لكنّني لا أعرف العربية، فمع معرفتي بكلّ هذه اللغات أشعر كمن هو ضائع، لأنّكم جميعًا تعرفون العربية.
أكمل حديثه قائلاً: “جلس مجموعة من العلماء في مركبٍ صغيرٍفي رحلة بحرية، وكان أحدهم يفتخر أنّه عالم في الرياضيات، والثاني أنّه رجل فلسفة وفكر، وهكذا حاول كلّ واحدٍ أن يبرز قدراته، وأمّا ربّان المركب فكان في خجلٍ من نفسه، فإنّ دراسته بسيطة للغاية، حيث لم ينل درجات علمية. وإذ ساروا قرابة ساعة هاجت الأمواج جدًا وكانت الرياح عاصفة، وصار الكلّ يصرخ، وإذ أوشكت المركب على الغرق، سألهم ربان السفينة: “هل تعرفون السباحة؟!” أجابوا “لا”. قال لهم: “لقد ضعتم! إنّكم تموتون غرقًا! ” قد تظنّ أن كثيرين سبقوك في العلم والمعرفة أو في المواهب، لكن افحص ذاتك، فإنه لا يوجد إنسان بلا موهبة، موهبتك التي تبدو لك ولغيرك بلا قيمة قد تنقذ حياتك من الهلاك فلا تستهن بها.
اكشف لي يا ربّ عن مواهبي الخفية! لكي أكون أمينًا في القليل فأنعم بالكثير! لست أطلب منك كثرة المواهب، كأنّني أسألك الأمانة فيما وهبتني! ليضرم روحك القدوس مواهبي، ليعمل فيّ أنا الضعيف. فإن قوتك في الضعف تكمل!
(الأخ إيلي مطر)